لماذا لم يقطعوا يد هذا السارق؟

هذا النص يحتوي على معلومات قيّمة عن السيدة عمرة بنت عبد الرحمن، وهي من التابعيات العالمات في التاريخ الإسلامي. 

السيدة عمرة بنت عبد الرحمن: عالمة التابعيات ومحدثة الإسلام

نسبها وحياتها

السيدة عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة هي من التابعيات الجليلات في التاريخ الإسلامي. تنتمي إلى عائلة عريقة، حيث كان جدها سعد بن زرارة من نقباء الأنصار المشهورين. عاشت عمرة في المدينة المنورة وتلقت العلم عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، مما جعلها واحدة من أكثر النساء علمًا في عصرها.

علمها ودورها في نقل الحديث

عمرة بنت عبد الرحمن كانت من أبرز تلميذات السيدة عائشة، حيث تعلمت منها علوم الدين والحديث النبوي. بعد وفاة السيدة عائشة سنة 58 هـ، عاشت عمرة 48 سنة أخرى، قامت خلالها بنقل علمها إلى الأمة الإسلامية. كانت من أكبر عالمات عصرها، حيث روت الحديث عن أم المؤمنين عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، بالإضافة إلى الصحابي رافع بن خديج.

مكانتها العلمية بين التابعين

لم تكن عمرة بنت عبد الرحمن عالمة بين النساء فحسب، بل كانت منافسة لعلماء الرجال في عصرها. كان لها مكانة مرموقة في الحضارة الإسلامية، حيث كانت مرجعًا للعلماء والفقهاء. وقد روى عنها كبار المحدثين مثل يحيى بن سعيد والزهري والقاسم بن محمد بن أبي بكر.

موقفها الشهير في تطبيق الشريعة

قصة النبطي وسرقة الخواتم

من أشهر المواقف التي تُذكر فيها عمرة بنت عبد الرحمن هو موقفها مع أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، الذي كان والي المدينة وقاضيها. فقد أُحضر إليه نبطي (من فلاحي الشام) سرق بعض الخواتم الحديدية، فأراد أبو بكر قطع يده تطبيقًا لحد السرقة في الشريعة الإسلامية.

تدخل عمرة بنت عبد الرحمن

أرسلت عمرة بنت عبد الرحمن خادمتها "أمية" إلى أبي بكر لتذكيره بضوابط الشريعة في تطبيق حد السرقة. أوضحت له أن القطع لا يكون إلا إذا بلغت قيمة المسروق ربع دينار فما فوق، وهو ما لم يتحقق في حالة الخواتم الحديدية المسروقة. بفضل تدخلها، تم تغريم النبطي بدلًا من قطع يده، مما يعكس فهمها العميق للشريعة وتطبيقها بحكمة.

دروس مستفادة من الموقف

- تغليب الشريعة على الهوى: علمتنا عمرة بنت عبد الرحمن أن تطبيق الشريعة يجب أن يكون وفق ضوابطها، وليس بناءً على العواطف أو الرغبات الشخصية.

- أهمية العلم: كان لعمرة دور كبير في تعليم العلماء والفقهاء، مما يؤكد على أهمية نقل العلم وحفظه للأجيال القادمة.

إرثها العلمي وتأثيرها

تُعتبر عمرة بنت عبد الرحمن من أبرز النساء اللاتي حفظن ونقلن علم السيدة عائشة رضي الله عنها. وقد أثنى عليها كبار العلماء مثل عمر بن عبد العزيز، الذي أمر بجمع الحديث النبوي من خلالها. كما روى عنها ابن شهاب الزهري، الذي وصفها بـ"بحر العلم".

خاتمة

السيدة عمرة بنت عبد الرحمن نموذج مشرف للمرأة المسلمة العالمة، التي ساهمت في حفظ ونقل العلم الشرعي. تُعد قصتها مع النبطي مثالًا حيًا على كيفية تطبيق الشريعة بحكمة وعدل.