ملك المغرب فعل ما لم يفعله الآخرون

chamille24 مارس 14, 2025 أبريل 03, 2025
للقراءة
كلمة
0 تعليق
نبذة عن المقال:
-A A +A

ملك المغرب فعل ما لم يفعله الآخرون


فإن تحرير الأسرى يُعد من أعظم القربات إلى الله عز وجل، وهو سنة نبوية جليلة، حيث حث النبي صلى الله عليه وسلم على فكاك الأسرى وإطعام الجائع وعيادة المريض. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فكوا العاني (الأسير)، وأطعموا الجائع، وعودوا المريض" (رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري). 


أهمية تحرير الأسرى في الإسلام

تحرير الأسرى له أثر عظيم ليس فقط على الأسير نفسه من حيث سعادته وصحته وأمنه، بل أيضًا على أهله الذين يفرحون بعودته. بالإضافة إلى ذلك، فإن تحرير الأسرى يحمي المسلمين من الوقوع في الفتن، خاصة أن الأسير في أيدي الأعداء معرض لفتن كبيرة قد تصل إلى تغيير دينه. كما أن تحرير الأسرى يُعتبر مظهرًا من مظاهر العزة والقوة للأمة الإسلامية، حيث إن وجود أسرى كثيرين في أيدي الأعداء يُعد علامة على الضعف والهزيمة.


السلطان محمد بن عبد الله العلوي: نموذج فريد في تحرير الأسرى

من أبرز الشخصيات التاريخية التي اهتمت بتحرير الأسرى هو السلطان المغربي محمد بن عبد الله العلوي، الملقب بمحمد الثالث، الذي حكم من عام 1171 إلى 1204 هـ (1757-1790 م). كان حكمه مليئًا بالإنجازات في مجالات مختلفة، ومن أبرزها تحرير الأسرى.


أسباب تميز السلطان محمد الثالث في تحرير الأسرى:

1. النية الخالصة لله: كان السلطان محمد الثالث يفعل ذلك ابتغاء وجه الله، وليس لمجرد تعزيز قوة الدولة أو هيبتها.

2. جعل تحرير الأسرى من المهام الرئيسية للدولة: لم يكن تحرير الأسرى أمرًا هامشيًا، بل كان من أولويات الدولة، حيث عقد معاهدات مع الدول الأوروبية على أساس هذا الموضوع.

3. تحرير عدد هائل من الأسرى: حرر السلطان محمد الثالث أكثر من 48,000 أسير خلال فترة حكمه، وهو رقم غير مسبوق في التاريخ الإسلامي.

4. تحرير أسرى من جميع الدول الإسلامية: لم يقتصر تحرير الأسرى على المغاربة فقط، بل حرر أسرى من دول إسلامية أخرى، حتى تلك التي كانت بينها وبين المغرب بعض التوترات.


قصة تحرير الأسرى في عهد السلطان محمد الثالث

بدأت قصة تحرير الأسرى عندما وصلت رسالة إلى السلطان من مجموعة من الأسرى المسلمين في إسبانيا، يشتكون من سوء أحوالهم في الأسر. تأثر السلطان بهذه الرسالة وأرسل على الفور رسالة إلى ملك إسبانيا يطالبه بالإفراج عن الأسرى المسلمين، خاصة حملة القرآن وعلماء الدين. استجاب ملك إسبانيا وأطلق سراح الأسرى المغاربة، فقام السلطان محمد الثالث بإطلاق سراح الأسرى الإسبان في المغرب، بالإضافة إلى أسرى من دول أوروبية أخرى كبادرة حسن نية لتشجيع الدول الأوروبية على التعامل بالمثل.


جهود السلطان في تحرير أسرى الدول الإسلامية الأخرى

لم يقتصر جهود السلطان محمد الثالث على تحرير الأسرى المغاربة، بل سعى أيضًا لتحرير أسرى من دول إسلامية أخرى، مثل الجزائر والدولة العثمانية. فعلى سبيل المثال، نجح في تحرير أكثر من 1600 أسير جزائري من الأسر في إسبانيا عبر وساطة مغربية. كما حرر أسرى عثمانيين من الأسر في إسبانيا ومالطا، مما ترك أثرًا كبيرًا في قلوب السلاطين العثمانيين.


معاهدة الصلح مع إسبانيا

في عام 1779، عقد السلطان محمد الثالث معاهدة صلح مع ملك إسبانيا كارلوس الثالث، وكان من شروطها الإفراج عن كل الأسرى المسلمين في إسبانيا. ونتيجة لهذه المعاهدة، تم الإفراج عن حوالي 2000 أسير مسلم، ولم يعد هناك أي أسير مسلم في إسبانيا.


جهود السلطان في دعم الدولة العثمانية

كان للسلطان محمد الثالث دور كبير في دعم الدولة العثمانية في حروبها ضد روسيا، حيث أمدها بستة ملايين دينار ذهبي لمساعدتها في الحرب. كما قطع علاقاته مع روسيا بسبب احتجازها لأسرى عثمانيين، ورفض استقبال سفارة روسية في المغرب.


خاتمة

السلطان محمد بن عبد الله العلوي يُعتبر نموذجًا فريدًا في تاريخ الإسلام في مجال تحرير الأسرى. لقد حرر عشرات الآلاف من الأسرى المسلمين، وكانت نيته خالصة لله، ولم يقتصر جهده على أسرى بلاده فقط، بل شمل كل المسلمين. رحم الله السلطان محمد الثالث، ونسأل الله أن يكثر من أمثاله في الأمة الإسلامية.

شارك المقال لتنفع به غيرك

chamille24

الكاتب chamille24

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

0 تعليقات