قرار ترامب بمعاقبة المحكمة الجنائية الدولية: بين الغطرسة والضعف الدولي
في خطوة تعكس الغطرسة الأمريكية، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارًا بمعاقبة المحكمة الجنائية الدولية بسبب إصدارها مذكرة اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، وذلك على خلفية جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في غزة. هذا القرار يسلط الضوء على موقف أمريكا من القوانين الدولية وكيفية تعاملها مع المؤسسات العالمية.
تفاصيل القرار الأمريكي
1. سبب القرار: المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرة اعتقال ضد نتنياهو ووزير دفاعه في 21 نوفمبر 2024، بتهمة ارتكاب جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية في غزة. رد ترامب على هذا القرار بمعاقبة المحكمة.
2. إجراءات العقوبات:
- تجميد الأصول المالية للقضاة والعاملين في المحكمة الموجودة في أمريكا.
- منعهم من دخول الولايات المتحدة.
- منع أقاربهم من الدرجة الأولى من دخول أمريكا أيضًا.
خلفية عن المحكمة الجنائية الدولية
1. تأسيسها: تأسست المحكمة الجنائية الدولية في عام 2002، وتضم 125 دولة عضوًا. ومع ذلك، فإن دولًا كبرى مثل أمريكا وروسيا والصين والهند وإسرائيل ليست أعضاء فيها.
2. صلاحياتها: تختص المحكمة بالتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. لكنها لا تملك قوة تنفيذية، وتعتمد على الدول الأعضاء لتنفيذ قراراتها.
3. ضعف التنفيذ: كثيرًا ما يتم تجاهل قرارات المحكمة، خاصة عندما تتعلق بزعماء دول كبرى. على سبيل المثال، صدر قرار اعتقال ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنه لا يزال يتحرك بحرية ويتم استقباله في دول أعضاء في المحكمة.
موقف أمريكا من المحكمة الجنائية الدولية
1. تاريخ من العداء: هذه ليست المرة الأولى التي تفرض فيها أمريكا عقوبات على المحكمة. في عام 2020، فرضت عقوبات على المدعية العامة للمحكمة، فاتو بنسودا، بسبب تحقيقاتها في جرائم حرب أمريكية في أفغانستان.
2. الغطرسة الأمريكية: قرار ترامب يعكس موقف أمريكا من القوانين الدولية، حيث تضع نفسها فوق القانون وتتعامل مع المؤسسات الدولية بازدواجية.
ضعف النظام الدولي
1. الفيتو في الأمم المتحدة: تمتلك خمس دول فقط (أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا) حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، مما يعني أن قرارًا بالإجماع يمكن إلغاؤه بقرار من دولة واحدة.
2. معاهدات الأسلحة: معاهدات مثل الحد من انتشار الأسلحة النووية تُنفذ فقط على الدول الضعيفة، بينما تتجاهلها الدول الكبرى.
دروس مستفادة
1. القوة هي القانون: النظام الدولي الحالي يعتمد على القوة، حيث تفلت الدول الكبرى من العقاب بينما تُنفذ القوانين على الضعفاء.
2. الحقوق لا تُوهب بل تُؤخذ: كما قال أمير الشعراء أحمد شوقي: "وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا". يجب على الدول الضعيفة أن تتحد لفرض احترام القانون الدولي.
خاتمة
قرار ترامب بمعاقبة المحكمة الجنائية الدولية يذكرنا بضعف النظام الدولي وهيمنة القوى الكبرى. نأمل أن تعي الدول الضعيفة أهمية الوحدة والتعاون لمواجهة هذه الهيمنة.
0 تعليقات