فإن الحديث اليوم يدور حول تضييق بعض الرجال في النفقة على أهليهم، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك سلبًا على الأسرة، وكيف وضع النبي صلى الله عليه وسلم حلولًا لهذه المشكلة من خلال تحفيز الرجال على الإنفاق على أهليهم بقلب سخي ومحتسب.
مشكلة التضييق في النفقة
بعض الرجال قد يضيقون في النفقة على أهليهم إما بسبب ضيق ذات اليد، أو بسبب البخل. وفي الحالة الأولى، يكون الرجل معذورًا إذا كان دخله محدودًا ولا يستطيع تلبية جميع احتياجات الأسرة. لكن في الحالة الثانية، عندما يكون الرجل قادرًا على الإنفاق ولكنه يبخل على أهله، فإن هذا يؤدي إلى توترات داخل الأسرة، حيث تشعر الزوجة والأولاد بالإهمال وعدم الاهتمام.
حل النبي صلى الله عليه وسلم: النفقة على الأهل صدقة
وضع النبي صلى الله عليه وسلم حلًا رائعًا لهذه المشكلة، حيث جعل الإنفاق على الأهل صدقة تحتسب عند الله عز وجل. ففي حديث رواه البخاري ومسلم عن أبي مسعود رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها، فهو له صدقة".
هذا الحديث يعلمنا أن الإنفاق على الأهل ليس مجرد واجب مادي، بل هو عبادة يتقرب بها العبد إلى الله، ويأخذ عليها أجرًا عظيمًا.
فوائد هذا الحديث:
1. تحويل الواجب إلى عبادة: عندما ينفق الرجل على أهله بنية الاحتساب، فإنه يتحول من شعور بالالتزام إلى شعور بالفرح والرضا، لأنه يعلم أنه يكسب أجرًا عظيمًا عند الله.
2. الأجر المضاعف: الصدقة تُضاعف بأجر عظيم، كما قال الله تعالى: "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم" (البقرة: 261). فإذا كان الإنفاق على الأهل صدقة، فإنه يُضاعف بأجر كبير.
3. تفوق أجر الإنفاق على الأهل: في حديث رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة (عتق رقبة)، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك". وهذا يدل على أن الإنفاق على الأهل له أجر أعظم من الإنفاق على الفقراء والمساكين.
نصائح عملية لتطبيق هذا المبدأ
1. احتساب النفقة: عندما تنفق على أهلك، احتسب ذلك عند الله، وقل في نفسك: "اللهم إني أنفقت هذا المال على أهلي ابتغاء وجهك، فاجعله لي صدقة".
2. التوسعة على الأهل: حاول أن تتوسع في النفقة على أهلك قدر المستطاع، ولا تبخل عليهم بالمال الذي تحتاجه الأسرة للعيش الكريم.
3. البدء بالأهل أولًا: كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول" (رواه البخاري). فلا ينبغي للرجل أن يتصدق على الآخرين ويترك أهله في حاجة.
خاتمة
الإنفاق على الأهل ليس مجرد واجب مادي، بل هو عبادة يتقرب بها العبد إلى الله، ويأخذ عليها أجرًا عظيمًا. عندما يحتسب الرجل نفقة أهله صدقة، فإنه يكسر حدة الشح في قلبه، ويجعل بيته مليئًا بالراحة والسعادة.
0 تعليقات