ملابس العلم التي ابتكرتها أم الإمام مالك

chamille24 مارس 14, 2025 أبريل 03, 2025
للقراءة
كلمة
0 تعليق
نبذة عن المقال:
-A A +A

 

ملابس العلم التي ابتكرتها أم الإمام مالك

فإن الحديث اليوم يدور حول سيدة عظيمة ربما لا يعرفها الكثيرون، ولكن أثرها في التاريخ الإسلامي لا يُنسى. هذه السيدة هي عالية بنت شريك الأسدية، أم الإمام مالك بن أنس، إمام دار الهجرة وأحد أقطاب العلم في الإسلام. الإمام مالك، الذي يتبع مذهبه عدد من الدول الإسلامية، مثل ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، السنغال، موريتانيا، وغرب إفريقيا بشكل عام، بل إن الأندلس ظلت 800 عام على مذهبه. فكيف كانت دور هذه السيدة في تشكيل شخصية الإمام مالك؟


دور السيدة عالية بنت شريك في تربية الإمام مالك

السيدة عالية بنت شريك لم تكن عالمة أو فقيهة، بل كانت امرأة عادية، ولكنها كانت تمتلك حكمة ووعيًا كبيرًا في تربية ابنها. لقد وضعت قدميه على طريق العلم منذ صغره، وكانت تهتم بتزينه وتجميله عندما يذهب لحضور دروس العلم. وهذا يعلمنا درسًا مهمًا جدًا، وهو التزين لطلب العلم.


التزين لطلب العلم

كانت السيدة عالية تقول لابنها الإمام مالك عندما يريد الذهاب لحضور دروس العلم: "تعال فالبس ثياب العلم". فكانت تلبسه ثيابًا منسقة وجميلة، وتضع على رأسه الطويلة (القنصوة)، وهي نوع من الطاقية التي يرتديها العلماء. وكانت تقول له: "اذهب فاكتب العلم، الآن أنت جاهز بهذه الهيئة الجميلة". 


هذا الاهتمام بالهيئة الخارجية كان له أثر كبير على الإمام مالك، حيث لفت انتباه شيوخه وزملائه. فقد روى الزبيري، أحد تلاميذ الإمام مالك، أنه رأى الإمام مالك في حلقة ربيعة الرأي (أحد كبار علماء المدينة) وهو طفل صغير، وكان يرتدي زينة في أذنه (شنف)، مما يدل على اهتمامه بمظهره حتى في صغره.


تعلم الأدب قبل العلم

لم تكن السيدة عالية تهتم فقط بمظهر ابنها، بل كانت تنصحه أيضًا بتعلم الأدب قبل العلم. فقد قالت له: "اذهب إلى ربيعة الرأي، وتعلم من أدبه قبل علمه". وهذا يعلمنا أن الأدب والخلق الحسن هما الأساس الذي يجب أن يبنى عليه العلم. وقد انعكس هذا على شخصية الإمام مالك، حيث قال تلميذه ابن وهب: "الذي تعلمناه من أدب مالك أكثر مما تعلمناه من علمه".


أثر التزين لطلب العلم على الإمام مالك

كان لاهتمام السيدة عالية بتزين ابنها لطلب العلم أثر كبير على شخصيته وحياته العلمية. فقد أصبح الإمام مالك معروفًا بهيئته الجميلة ولباسه الفاخر، مما جعله محبوبًا ومحترمًا بين شيوخه وتلاميذه. وكان يقول: "ما أحب لأحد أنعم الله عليه إلا ويرى أثر نعمته عليه"، أي أن الإنسان يجب أن يظهر نعمة الله عليه في مظهره وهيئته.


مواقف من حياة الإمام مالك

- موقف مع ابن شهاب الزهري: في يوم من الأيام، ذهب الإمام مالك إلى بيت ابن شهاب الزهري بعد صلاة العيد، ففتحت له الجارية وأخبرت ابن شهاب أن "مولاك الأشكر" (الإمام مالك) يريد مقابلته. فلما دخل، سأله ابن شهاب: "هل أكلت شيئًا؟"، فأجاب الإمام مالك: "لا"، فأطعمه ابن شهاب ثم حدثه بسبعة عشر حديثًا، فحفظها الإمام مالك في لحظة. فقال له ابن شهاب: "قم، فأنت من أوعية العلم".


- موقف مع المغنين: في طفولته، كان الإمام مالك يحب الاستماع إلى المغنين، ولكن أمه نصحته بأن يترك الغناء ويتجه لطلب الفقه، قائلة: "يا بني، إن المغني إذا كان قبيح الوجه لم يلتفت إلى غنائه، فدع الغناء واطلب الفقه". فترك الإمام مالك الغناء واتجه لطلب العلم، حتى أصبح إمام دار الهجرة.


الزهد في القلب وليس في المظهر

كان الإمام مالك يرى أن الزهد ليس في لبس الثياب الخشنة أو أكل الطعام الخشن، بل الزهد الحقيقي هو في القلب. فقد قال: "الزهد في الدين طيب المكسب وقصر الأمل"، أي أن الزهد ليس في المظهر الخارجي، بل في عدم التعلق بالدنيا وطول الأمل. وكان الإمام مالك يلبس الثياب الفاخرة، مثل الطيلسان (الشال) الذي كان يساوي 500 درهم، وكان يتطيب بالطيب الجيد، ويقول: "ما أحب لأحد أنعم الله عليه إلا ويرى أثر نعمته عليه".


خاتمة

السيدة عالية بنت شريك الأسدية، أم الإمام مالك بن أنس، علمتنا دروسًا عظيمة في تربية الأبناء، منها:

1. التزين لطلب العلم: الاهتمام بالمظهر الخارجي عند الذهاب لحضور دروس العلم.

2. تعلم الأدب قبل العلم: الأدب والخلق الحسن هما الأساس الذي يجب أن يبنى عليه العلم.

3. الزهد في القلب وليس في المظهر: الزهد الحقيقي هو في القلب وعدم التعلق بالدنيا، وليس في لبس الثياب الخشنة.


رحم الله السيدة عالية بنت شريك، التي وضعت قدمي ابنها على طريق العلم، وجزى الله الإمام مالك خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين.

شارك المقال لتنفع به غيرك

chamille24

الكاتب chamille24

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

0 تعليقات