انتبه هذا الفعل لا يزيد الرزق

التعفف وعدم الإلحاح في الطلب: درس من حياة النبي صلى الله عليه وسلم

العزة والترفع عن السؤال

كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب للمسلم أن يكون عزيزًا، مترفعًا عن طلب المساعدة من الآخرين أو تكثير ثروته بذل نفسه للناس. كان صلى الله عليه وسلم ينهى عن تكرار الطلب ليس حفاظًا على ماله، بل ليحمي المسلم من ذلة النفس، وهي حالة نفسية قد تؤثر على كرامة الإنسان وإيمانه.

قصة حكيم بن حزام: درس في التعفف

الخلفية

حكيم بن حزام رضي الله عنه كان من كبار الصحابة، وكان غنيًا وكثير المال. أسلم متأخرًا بعد فتح مكة، وشارك في غزوة حنين حيث وزع النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم على المسلمين، خاصة المؤلفة قلوبهم.

طلب المال من النبي

طلب حكيم بن حزام من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطيه من الغنائم، فأعطاه النبي 100 من الإبل، وهي ثروة كبيرة في ذلك الوقت. لكن حكيم لم يكتفِ بذلك، بل طلب مرة ثانية وثالثة، فأعطاه النبي في كل مرة. هنا، لاحظ النبي صلى الله عليه وسلم أن حكيمًا بدأ يعتاد على الطلب، فأراد أن يعلمه درسًا في العزة والترفع.

كلمات النبي صلى الله عليه وسلم

قال النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم:  

"يا حكيم، إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، كالذي يأكل ولا يشبع. واليد العليا خير من اليد السفلى".  

هذا الحديث يعلمنا أن المال إذا أُخذ بغير حاجة أو بإلحاح، فإنه لن يبارك فيه.

دروس مستفادة من القصة

1. عدم الإلحاح في الطلب: النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الإلحاح في الطلب، حيث قال:  

"لا تلحفوا في المسألة، فوالله لا يسألني أحد منكم شيئًا فتخرج له مسألته مني شيئًا وأنا له كاره، فيبارك له فيما أعطيته".

الإلحاح في الطلب يجعل الشخص الذي يعطي يشعر بالضيق، وقد لا يبارك الله في هذا العطاء.

2. العزة والترفع: المسلم يجب أن يكون عزيزًا، لا يذل نفسه بالطلب المتكرر. قال الله تعالى:  

"يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا" (البقرة: 273).  

هذه الآية تصف الفقراء الذين يتعففون عن السؤال، فيظنهم الجاهل أغنياء من تعففهم.

3. الرضا بقضاء الله: الرزق مكفول من الله، ولا ينبغي للإنسان أن يقلق أو يلح في الطلب. قال النبي صلى الله عليه وسلم:  

"اتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإن نفسًا لن تموت حتى تستوفي رزقها، وإن أبطأ عنها".  

هذا الحديث يعلمنا أن الرزق سيأتي في وقته المحدد، فلا داعي للإلحاح أو القلق.

كيف نطبق هذه الدروس في حياتنا؟

1. عدم الإلحاح في الطلب: إذا طلبت من أحد شيئًا ورفض، فلا تكرر الطلب. كن عزيزًا واقبل بالرفض بصدر رحب.

2. التعفف: حاول أن تعتمد على نفسك قدر المستطاع، ولا تطلب المساعدة إلا في حالات الضرورة القصوى.

3. الرضا بقضاء الله: ثق بأن الله سيوفقك وييسر لك الرزق في وقته المناسب. لا تجعل الطلب المتكرر وسيلة للحصول على ما تريد.

خاتمة: العزة من الإيمان

العزة والترفع عن السؤال من صفات المؤمن القوي. النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن نكون عزيزي النفس، لا نذل أنفسنا بالطلب المتكرر.