غرائب ​​ابن بطوطة

chamille24 فبراير 18, 2025 أبريل 03, 2025
للقراءة
كلمة
0 تعليق
نبذة عن المقال:
-A A +A

غرائب ​​ابن بطوطة


اليوم نتحدث عن شخصية تاريخية عظيمة، وهي شخصية ابن بطوطة ، أحد أشهر الرحالة في العالم الإسلامي والعالم أجمع. اسمه الكامل هو محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي ، ولد في مدينة طنجة بالمغرب عام 1304م، وينتمي إلى قبيلة لواتة البربرية. اشتهر ابن بطوطة برحلاته الطويلة التي غطت مسافات هائلة في زمن لم تكن فيه وسائل المواصلات الحديثة متاحة.


     رحلات ابن بطوطة: أسفار غيرت مفهوم الاستكشاف

بدأ ابن بطوطة رحلته الأولى عام 1325م، وكان عمره آنذاك 21 عامًا. استمرت هذه الرحلة 23 عامًا ، قطع خلالها مسافة تقدر بحوالي 120,000 كيلومتر ، متنقلًا بين دول وقارات مختلفة. زار خلال رحلته:


- شمال إفريقيا : حيث بدأ من طنجة ومر بتونس وليبيا.

- مصر: وقضى فيها بعض الوقت.

- شبه الجزيرة العربية: وزار مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، ثم تنقل بين اليمن والعراق والشام.

- القسطنطينية: التي كانت تحت حكم الدولة البيزنطية آنذاك.

- الهند: حيث عمل قاضيًا في بلاط السلطان محمد شاه في دلهي.

- الصين وجزر المالديف وسريلانكا: حيث وصل إلى أقصى الشرق.

- شرق إفريقيا: وزار الصومال ومناطق أخرى.


بعد انتهاء رحلته الأولى، عاد ابن بطوطة إلى المغرب، ثم خرج في رحلة ثانية إلى الأندلس، ورحلة ثالثة إلى غرب إفريقيا. وفي نهاية رحلاته، قام بكتابة مذكراته التي سجلها الكاتب ابن جزي الكلبي بناءً على روايات ابن بطوطة، وأصبحت هذه المذكرات كتابًا شهيرًا بعنوان "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار".


     ما يميز ابن بطوطة عن غيره من الرحالة

لم يكن ابن بطوطة مجرد رحالة يسجل الأماكن والمسافات، بل كان **عالمًا فقيهًا وقاضيًا**، اهتم بتسجيل **الحالة الاجتماعية** للشعوب التي زارها. كان يصف حياة الناس اليومية، وعاداتهم، وتقاليدهم، وطريقة معيشتهم، مما جعل كتاباته مرجعًا مهمًا لفهم تاريخ تلك الفترة.


     موقف مؤثر من رحلات ابن بطوطة

من أبرز المواقف التي سجلها ابن بطوطة في رحلته موقف حدث له في دمشق. فقد رأى طفلًا خادمًا يحمل طبقًا من الفخار الصيني (يسمى "الكوهن")، فوقع الطبق من يد الطفل وتكسر. اجتمع الناس حول الطفل الذي بدأ يبكي خوفًا من عقاب سيده. فقال له أحد المارة: "اجمع شقف الطبق واذهب إلى صاحب وقف الأواني".  


ذهبت مع الطفل إلى صاحب الوقف، فقام بإعطائه طبقًا جديدًا بدلًا من المكسور. هذا الوقف كان من أعمال الخير التي أنشأها أهل دمشق لتجبر خواطر الخدم والفقراء الذين قد يتعرضون لمشاكل بسبب كسر الأواني.  


هذا الموقف يعكس رقي الحضارة الإسلامية واهتمامها بجبر خواطر الناس، حتى في أبسط الأمور. وقد علق ابن بطوطة على هذا الموقف قائلًا: "هذا من أحسن الأعمال، فإن سيد الغلام لا بد له أن يؤثره على كسر صحن أو ينهاره، وهو أيضًا ينكسر قلبه".


     أوقاف الحضارة الإسلامية: رعاية للإنسان والمجتمع

تعد الأوقاف في الحضارة الإسلامية من أبرز مظاهر الرقي الإنساني. فبالإضافة إلى الأوقاف المعروفة مثل المستشفيات والمدارس والمساجد، كانت هناك أوقاف خاصة بجبر الخواطر، مثل:


- وقف الأواني: كما في قصة دمشق.

- وقف الحُلِي: في الدولة العثمانية، حيث كان يُعطى للعروس أو العريس يوم زفافه.

- قصر الفقراء: الذي بناه نور الدين محمود في دمشق، حيث كان الفقراء يذهبون للراحة والاستمتاع.


     جبر الخواطر: درس من القرآن والسنة

جبر الخواطر من القيم التي تعلمناها من القرآن الكريم و سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ففي القرآن، نجد آيات كثيرة تعلمنا الرحمة واللين، مثل قوله تعالى: "فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر".  


وفي السنة، نجد مواقف عظيمة مثل نزول سورة "عبس وتولى" لتجبر خاطر عبد الله بن أم مكتوم، ونزول سورة "النور" لتبرئة السيدة عائشة رضي الله عنها.  


     خاتمة: الدروس المستفادة من قصة ابن بطوطة

قصة ابن بطوطة ليست مجرد رحلة استكشافية، بل هي قصة إنسانية تعلمنا قيمة الرحمة و جبر الخواطر و الاهتمام بالآخرين . فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة".  


فلنكن دائمًا سببًا في إسعاد الآخرين، ولو بكلمة طيبة أو موقف بسيط يجبر خاطر إنسان.

شارك المقال لتنفع به غيرك

chamille24

الكاتب chamille24

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

0 تعليقات