يشعر المرء بثقل الوزن عندما يتأمل وضع اليهود في الخطوط البحرية التي تخصصها إسرائيل، الدولة المقامة على أرض فلسطين. لقد خاض اليهود عددًا من الحروب في وقت متزامن، حيث حاربوا أهل غزة وأهل الضفة الغربية، كما خاضوا حروبًا ضد سوريا ولبنان وإيران والعراق، وحتى في الحرب اليمنية. هذا التزامن في الحروب يعكس نوعًا من المرونة والقدرة على التكيف، خاصةً أن الكيانات اليهودية في العالم تتمتع بنفوذ كبير وتفوق في المجالات الاقتصادية والمالية، سواء في أمريكا أو إنجلترا أو فرنسا أو ألمانيا.
اللوبيات اليهودية في هذه الدول لها تأثير كبير، مما يجعل بعض المراقبين يشعرون بالقلق من قوة اليهود. ومع ذلك، أطمئن الفلسطينيين بأن هذا الوضع ليس دائمًا، فالأصل أن اليهود يعيشون تحت وطأة الذلة، وهذا ليس كلامي بل كلام الله سبحانه وتعالى الذي ذكره في كتابه في أكثر من موضع. قال الله عز وجل في سورة البقرة: "وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا..." (البقرة: 61). ثم قال تعالى: "وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ..." (البقرة: 61).
هذه الآيات توضح أن الذلة والمسكنة قد ضربت على اليهود منذ أيام موسى عليه السلام، وكأنها خيمة أو قبة تحيط بهم، فهم يعيشون تحت وطأة الذلة والمسكنة. وفي سورة آل عمران، قال الله تعالى: "ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ..." (آل عمران: 112). وهنا وضع الله استثناءً لحالة الذلة، حيث يمكن أن يخرجوا منها في حالتين: الأولى بحبل من الله، أي بالإيمان والإسلام، والثانية بحبل من الناس، أي بدعم من قوة خارجية.
ومع ذلك، فإن الأصل أن الذلة والمسكنة هي الحالة العامة لليهود، وقد شهد التاريخ العديد من الأمثلة على ذلك. بعد زمن موسى ويوشع بن نون عليهما السلام، تعرض اليهود للطرد من ديارهم في عهد طالوت، كما حدث في السبي البابلي عندما أخذ نبوخذ نصر اليهود إلى العراق. وعاش اليهود أيضًا تحت وطأة الذلة في ظل الحكم الروماني، وحتى في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، حيث عاشوا في حالة من الذلة في قبائل بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة.
وفي القرون الوسطى، عاش اليهود في أوروبا تحت وطأة المذابح والمآسي، خاصة في إنجلترا وفرنسا وألمانيا. حتى في العصر الحديث، شهدنا مظاهر الذلة والمسكنة التي عاشها اليهود، خاصة خلال الحرب العالمية الثانية في عهد النازيين.
ومع ذلك، فإن اليهود الأغنياء، وخاصة المرابين، يعيشون في حالة من المسكنة، حيث يعيش الكثير منهم في أحياء منعزلة مثل أحياء الغيتو في باريس ولندن ونيويورك. حتى الأغنياء منهم يعيشون حياة المسكنة، وهي ليست مذمومة شرعًا، ولكن المذموم هو أن يعيش الإنسان في حالة من الذلة وهو يمتلك المال.
الخلاصة، كما قال الله تعالى في القرآن الكريم، فإن الذلة مضروبة على اليهود، ولا يعزون إلا بدعم خارجي. وقريبًا سيعودون إلى أصلهم، وهو الذلة والمسكنة. قال تعالى: "وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ" (الروم: 4-5).
0 تعليقات