في كثير من المساجد التي يُصلَّى فيها صلاة الجمعة، نلاحظ وجود أذانين: الأذان الأول والأذان الثاني. ومع ذلك، ليس كل المساجد تعمل بهذا النظام. وقد ناقشنا في حلقة سابقة على القناة قصة الأذان الثاني لصلاة الجمعة. في المساجد التي يوجد فيها أذانان، نلاحظ أن كثيرًا من المصلين أو المسلمين بعد الأذان الأول يقومون لأداء ما يسمونه "سنة الجمعة القبلية"، حيث يصلون ركعتين أو أحيانًا أربع ركعات قبل صعود الإمام إلى المنبر وحصول الأذان الثاني.
هل هناك سنة قبلية لصلاة الجمعة؟
الحقيقة أنه لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أي ذكر لصلاة نافلة قبل صلاة الجمعة، على عكس صلاة الظهر التي لها سنة قبلية. ففي صلاة الجمعة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من بيته إلى المسجد، يصعد المنبر، ويؤذن للصلاة، ثم يلقي الخطبة، وبعد ذلك ينزل للصلاة. بعد الصلاة، هناك سنة بعدية، سواء كان يصليها في المسجد أو في البيت.
من أين أتت فكرة الصلاة القبلية للجمعة؟
بعض الناس يستندون إلى رواية أو خبر في سنن الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه، حيث ذكر أنه كان يصلي قبل صلاة الجمعة أربع ركعات أو بعدها أربع ركعات. ومع ذلك، هذه الرواية ضعيفة السند وهي موقوفة على ابن مسعود، وبالتالي لا يعتمد عليها العلماء في تشريع صلاة نافلة قبل صلاة الجمعة.
هل هناك صلاة تطوعية قبل الجمعة؟
نعم، يمكن للمسلم أن يصلي ركعتين أو أربعًا أو ستًّا أو ثماني ركعات قبل صلاة الجمعة، ولكن ليس بنية سنة الجمعة القبلية، بل بنية التطوع العام بالصلاة. هذا الكلام مستند إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى".
هل الصلاة قبل الجمعة منكرة؟
الصلاة قبل الجمعة ليست منكرة، ولكن المنكر هو اعتقاد أنها سنة راتبة لصلاة الجمعة. فليس هناك سنة راتبة قبلية لصلاة الجمعة. وحتى لو صح حديث ابن مسعود، فهو لم يذكر أنه كان يصلي نافلة الجمعة، بل كان يصلي صلاة تطوعية.
أدلة أخرى على عدم وجود سنة قبلية للجمعة
وردت روايات أخرى عن بعض الصحابة، مثل ابن عمر رضي الله عنهما، الذي كان يصلي 12 ركعة قبل صعود الإمام إلى المنبر، وعن ابن عباس رضي الله عنهما، الذي كان يصلي ثماني ركعات قبل صعود الإمام. هذا التباين في عدد الركعات يدل على عدم وجود سنة راتبة قبلية لصلاة الجمعة، بل هي صلوات تطوعية.
خلاصة الموضوع
عند الذهاب إلى المسجد يوم الجمعة، يمكن للمسلم أن يصلي ما شاء الله له أن يصلي طالما أن الإمام لم يصعد إلى المنبر بعد، ولكن بنية التطوع العام وليس بنية سنة الجمعة القبلية. أما بعد صلاة الجمعة، فهناك سنة بعدية يمكن أداؤها.
0 تعليقات